القائمة الرئيسية

الصفحات

عالم بلا ضمير بقلم الداعية الإسلامي الدكتور أسامه مختار


 جاء من كلام العلماء ورثة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ( النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ) وهذا دليل كبير على أن للنفس البشرية تأثير كبير على صاحبها . فإن لم يشغلها صاحبها بالحق ويوردها موارد الحق شغلته هي بالباطل فأوردته موارد الهلاك . 

وذلك لأن النفس كما وصفها الله تعالى في كتابه العزيز ( أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) لذلك ولأن النفس أمارة بالسوء لم يتركها الله تعالى تعبث بالإنسان وتتحكم فيه بل خلق لها جهازا رقابيا داخليا ذاتيا يكون ملازما النفس ورقيبا عليها . 

هذا الجهاز يشجع النفس على فعل الخيرات وينهاها نهيا ذاتيا عن فعل المنكرات . هذا الجهاز الرقابي الذاتي هو الضمير . فالضمير هو صوت الحق تبارك وتعالى في الإنسان يأمره وينهاه ويلومه ويعاتبه وينهاه ويرده إلى الحق .

 وإذا كان ضمير الإنسان حيا مستيقظا استطاع الضمير بيقظته أن يحافظ على إنسانية الإنسان ومعانيها الجميلة مراعيا كل البشر لأنهم إخوانه في الإنسانية .

 أما إذا مات الضمير ودفنه صاحبه تحت أطباق التراب ضاع الإنسان وتحول إلى شيطان في صورة آدمية فيختلق الأكاذيب ويزور الحقائق ويقلب الباطل حقا والحق باطلا ويغتصب أرضا ليست أرضه ويشرد أصحابها الحقيقيين ويسعي في الأرض بكل ألوان المفاسد وهذا بالفعل ما فعلته إسرائيل ولازالت تفعله إلى الآن قتلوا الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز ودمروا البيوت على أصحابها ودمروا البنية التحتية حتى المستشفيات التي تعالج الجرحى والمصابين وتكفن الموتى.

 قاموا أيضا بقصفها في عمل وحشي لا يصدر إلا من شياطين ماردة فاجرة ويحاولون بكل الوسائل إبادة شعب بأكمله وهو صاحب الأرض الحقيقي حتى تنطمس الهوية الفلسطينية وتضيع معها القضية والأرض إلى الأبد والعالم يقف موقف المتفرج يشاهد بلا ضمير ما تفعله إسرائيل في غزة ولا يتحركون وإذا تحركوا تحركوا لصالح إسرائيل وليس لصالح الشعب الجريح الشهيد . 

وهذا هو واقعنا الآن أننا نعيش في عالم بلا ضمير . غاب الضمير فغابت الحقائق غاب الضمير فاغتصبت الأرض غاب الضمير فقتل الأطفال والنساء والشيوخ وانهدمت البيوت والمنازل على رؤوسهم غاب ضمير العالم ووقف يمد يد العون لإسرائيل المغتصبة وغياب الضمير عن بني إسرائيل أمر طبيعي فلقد غابت ضمائرهم .

منذ ألقوا أخاهم يوسف عليه السلام في الجب أرادوا قتله لكنهم اتفقوا في النهاية على تغييبه في الجب فإذا كان أسلافهم وأجدادهم قد فعلوا ذلك بأخيهم يوسف عليه السلام فليس بغريب على هؤلاء أن يقتلوا الفلسطينيين والعرب تقتيلا لكن الغريب والمؤسف هو تلك المواقف التي نراها من كل المنظمات العالمية التي أصبحت بلا ضمير .

 أمم متحدة بلا ضمير . مجلس أمن بلا ضمير . مواثيق وأعراف دولية بلا ضمير . مؤتمرات سلام بلا ضمير . قيادات عالمية غربية بلا ضمير .

 عالم بأكمله بلا ضمير . لكن الجديد والغريب علينا في وسط هذا الزخم من غياب وموت الضمير هو موقف بعض القيادات العربية التي ماتت ضمائرهم ظنا منهم أن النجاة والبقاء في مناصبهم مضمون بالوقوف إلى جانب إسرائيل .

 فهؤلاء لم يقرأوا التاريخ ليعرفوا أن أول شيء يفعله المغتصب والمحتل للأرض هو قتل الخونة الذي خانوا بلادهم وساعدوهم على احتلالها .

 لم يقرأوا التاريخ ولم يعتبروا بأحداثه . لم يقرأوا القرآن ويعتبروا بقول الله تعالى ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون* وإن جندنا لهم الغالبون ) فاللهم انصر إخواننا في غزة وفي كل فلسطين وكن لهم عونا ونصيرا فليس لهم إلا أنت ودعوات القليل من أصحاب الضمائر الحية أما باقي العالم فقد صار عالم بلا ضمير.

تعليقات

التنقل السريع