القائمة الرئيسية

الصفحات

الكذب وأثره في التاريخ الإنساني (1) بقلم الداعية الإسلامي الدكتور أسامة مختار


 الإسلام دين يدعو إلى مكارم الأخلاق ، وما ترك الإسلام فضيلة من الفضائل الإنسانية إلا وهو يحث عليها ويدعو إلى التخلق بها ، ولا ترك رذيلة من الرذائل البشرية إلا وهو يحذر من عواقبها ويدعو إلى التخلص منها . 

ومكارم الأخلاق لها مكانة عظيمة في الدين الإسلامي لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بعثته الشريفة بإتمام مكارم الأخلاق فقال صلوات ربي وسلامه عليه :إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، وعندما أراد المولى سبحانه وتعالى مدح نبيه صلى الله عليه وسلم أمام أمته وأمام البشرية كلها قال (وإنك لعلى خلق عظيم) ليبين لنا قيمة الأخلاق وأهميتها في الدين الإسلامي . 

فمن أراد أن يقتدي بالنبي العظيم فعليه أن يكون على خلق عظيم أسوة واقتداءاً بصاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم . وكما يدعو الإسلام إلى التخلق بمكارم الأخلاق فإنه يدعو أيضاً إلى محاربة الرذائل والأفات التي تنتشر في المجتمعات الإنسانية ، والتي تختلف من مجتمع إلى مجتمع بحسب طبيعة المجتمع الذي تظهر فيه ، ومن بين الآفات والرذائل التي يحذر الإسلام منها ويدعو دائماً إلى محاربتها والتخلص منها آفة الكذب أعاذنا الله وإياكم منها .

 فالكذب من أخطر الآفات والرذائل التي تضر بالمجتمعات الإنسانية وذلك لأن الكذب يغير الحقائق ويقلب موازين الأمور ويضع الأشياء في غير موضعها الحقيقي ويضر بالفرد وبالمجتمع ويضر بصالح الإنسانية كلها ولو تأملنا في أحداث التاريخ لوجدنا أنه ما من مصيبة ولا كارثة على المستوى الفردي أو المستوى الاجتماعي إلا وتجد الكذب من وراءها يطل بعينيه الخبيثتين ويلعب دوراً كبيراً في سير الأحداث فالكذب مع الأسف الشديد ضاربُ في أعماق التاريخ بل إنه يسير مع البشرية جنباً إلى جنب منذ بدايتها. 

فقد أخرج إبليس اللعين أبوانا آدم وحواء عليهما السلام من الجنة بالكذب . ووقف النمروذ أمام الخليل إبراهيم عليه السلام وقال : أنا أحيي وأميت بالكذب ، وفي زمن يوسف عليه السلام جاء إخوة يوسف وقالوا لأبيهم : يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب بالكذب ، وجاءوا على قميصه بدم كذب ، وادعت امرأة العزيز أن يوسف عليه السلام قد راودها عن نفسها بالكذب ، فلفقوا له التهم وأدخلوه السجن بالكذب . 

وفي زمن موسى عليه السلام قال فرعون لقومه : أنا ربكم الأعلى بالكذب ، وقال لوزيره هامان : يا هامان ابني لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً ، وهو الكاذب ، كل ذلك بالكذب ، وقال موسى السامري لبني إسرائيل بعد ان صنع لهم عجلاً جسداً له خوار : هذا إلهكم وإله موسى فنسي بالكذب . 

وقال قارون لقومه وهو يحدثهم عن ماله : إنما أوتيته على علم عندي بالكذب . وضل كثيرُ من الخلق فأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً بسبب الكذب .

 وبعد عصر النبوة المحمدية انقسمت الأمة إلى سنة وشيعة وخوارج وطوائف وفرق بسبب الكذب ، وقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه بسبب الكذب ، وقتل سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه بسبب الكذب ، وقتل سيدنا الحسن بسبب الكذب وقتل سيدنا الحسين وشرد آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كربلاء بسبب الكذب فلم يراعوا حرمة رسول الله وآل بيته بسبب الكذب . 
 
أرأيتم كيف يسير الكذب مع البشرية جنبا إلى جنب وكيف يلعب دورا خبيثا في الكثير من أحداث التاريخ.

 وللحديث بقية إن كان في العمر بقية

تعليقات

التنقل السريع