وظهرت الجراحات التجميلية والتي أصبحت طوق النجاة ومصدر الامل للكثيرين لإعادتهم للحياة الاجتماعية، فقد يكون التشوه الجسماني شديدا بحيث يكون عيبا وعائقا أمام الإنسان لممارسة حياته الطبيعية، مما قد يدفعه في بعض الحالات إلى الانتحار، وقد أدى ذلك إلى اعتراف العديد من التشريعات بمشروعيتها.
ويعتبر التشريع الفرنسي من أفضل التشريعات المنظمة للجراحات التجميلية، وبالرغم من اعتراف القضاء الفرنسي بمشروعية الجراحات التجميلية إلا أنه قد تشدد في تطبيق قواعد المسئولية الطبية على جراح التجميل وذلك باعتبارها جراحات لا تدعو لها الضرورة الملحة. ولتحقيق التوازن بين ضرورة الاعتراف بمشروعية الجراحات التجميلية وبين حماية الاشخاص المقبلين على اجرائها، قام المشرع بوضع شروط خاصة لها كأن يكون الطبيب متخصصا.
وان يتم مراعاة التناسب بين المخاطر والفوائد المرجوة من الجراحة وإجرائها في اماكن مخصصة وذلك بعد الحصول على رضا المريض وبعد اعلامه اعلاما صحيحا على أن يشمل الإعلام جميع المخاطر المتوقعة والاستثنائية وأن يكون بطريقة واضحة ومفهومه بالنسبة للمريض. وفي حالة مخالفة الطبيب لهذه الشروط يعتبر مخطئا ويسأل عن جميع النتائج المترتبة عن عمله وإن لم يرتكب أي خطأ.
النتائج:
النتائج:
أولا: جسم الإنسان بكامل اعضائه محل للحماية الجنائية، وأن أي فعل يمس بحق الإنسان في سلامة جسمه يعاقب عليه قانون العقوبات.
ثانيا: أن أساس إباحة إجراء العمل الطبي على جسم الإنسان هو ترخيص القانون للشخص القائم بالعمل الطبي وذلك لحصوله على الإجازة العلمية بشرط أن يكون الهدف من العمل الطبي هو علاج المريض من الأمراض العضوية أو النفسية مع توافر رضا المريض أو من يمثله.
ثالثا: يمر العمل الطبي بمراحل مختلفة وتترتب نتائجها على بعضها البعض، فتبدأ بالفحص ويليها التشخيص والعلاج ثم كتابة التذكرة الطبية وتنتهى بالرقابة، فإذا ما أخطأ الطبيب في الفحص ترتب عليه تشخيص خاطئ وبالتالي وصف علاج خاطئ.
رابعا: اتفاق القانون الوضعي مع الشريعة الإسلامية في الشروط الواجب توافرها لممارسة العمل الطبي.
خامسا: يسأل الطبيب عن جميع أخطائه مهما كانت درجة الخطأ سواء كانت يسيرة أو جسيمة، وسواء أكان الخطأ فنيا أم عاديا.
سادسا: أن الجراحات التجميلية ليست جميعها بغرض الزينة فالجراحات التجميلية لها نوعين:
الأول: جراحات تجميلية ضرورية وينطبق عليها ما ينطبق على الجراحات العادية،
الثاني: الجراحات التجميلية للزينة والتي هي محل خلاف.
سابعا: أن بالرغم من اعتراف القضاء الفرنسي بالجراحات التجميلية إلا أنه قد تشدد في تطبيق قواعد المسئولية الطبية وذلك لخصوصية هذه الجراحات حيث انها تجري علي عضو سليم، ويظهر هذا التشديد في ضرورة الحصول علي رضا المريض مسبقا قبل اجراء الجراحة التجميلية.
والذي يشترط أن يكون صريحا حرا، صادرا بعد اعلام المريض اعلاما دقيقا بكافه المخاطر المحتمله والاستثنائية ايضا، فإذا كان الطبيب كقاعدة عامة ليس ملزما بإعلام مريضه بالمخاطر الاستثنائية، إلا أنه في الجراحات التجميلية ملزم بإعلام المريض بكافة المخاطر سواء أكانت عادية أو استثنائية.
كما يتعين علي جراح التجميل مراعاة التناسب بين المخاطر والفوائد المرجوة من الجراحة والامتناع عن إجراء الجراحة إذا كانت الفوائد المرجوة لا تتناسب مع المخاطر المتوقعة وإلا أصبح تحت طائلة المساءلة الجنائية، كما يشترط في جراح التجميل شروط تفوق الشروط المطلوبة في الجراح العادي.
فيجب أن يكون حاصل علي دبلوم الدراسات العليا في الجراحة التجميل وأن يكون عضو بجمعيه جراحي التجميل في بلده، كما يشترط في المكان الذي سيجرى فيه الجراحة التجميلية متطلبات اضافيه تفوق المتطلبات في اماكن اجراء الجراحة الطبية العادية، فيشترط القانون أن يكون المكان مجهز تجهيزا كافيا طبقا للشروط والمواصفات الفنية المقررة.
ثامنا:التزام طبيب التجميل لا يختلف عن التزام الطبيب العادي، فهو ملزم ببذل عناية لا تحقيق نتيجة، إلا أن التزامه ببذل العناية المطلوبة أكثر تشديدا عن الجراحات العادية.
تاسعا: أن التزام الطبيب العادي بإعلام المريض يشمل جميع مخاطر التي قد يتعرض لها جراء العمل الطبي ويزداد هذا الالتزام تشديدا على جراح التجميل في حالة اجراء الجراحات التجميلية التي تهدف إلى إصلاح عيوب الطبيعة.
عاشرا: أن رضا المريض بالعمل الطبي لا يعني الإجازة للطبيب بإجراء ما يشاء من جراحات ولكنها مقيدة بالأعمال الطبية التي يجيزها القانون وغير مخالفة للنظام العام والآداب.
الحادى عشر:بعد اعتراف القانون الوضعي بالجراحات التجميلية، فقد اباح جميع الجراحات التجميلية دون تقييد.
الثاني عشر: اتفاق جمهور العلماء على جواز اجراء الجراحات التجميلية بهدف التداوي، واما فيما يخص الجراحات التجميلية التحسينية فالرأي الراجح هو أن يتم بحث كل حالة حدة مع مراعاة ملابساتها وتطبيق القواعد والأصول الشرعية في كل حالة.
أهم التوصيات:
من خلال دراستنا وبحثنا في موضوع المسئولية الجنائية عن الجراحات التجميلية نقدم بعض التوصيات:
أولا: ضرورة أن يكون هناك اهتمام خاص بموضوع المسئولية الطبية في مصر وذلك بوضع تشريع خاص يهدف إلى توفير الحماية اللازمة للأطباء في معالجتهم لمرضاهم، وحماية المرضى مما قد يصدر من الأطباء من الأخطاء أثناء مزاولتهم لمهنتهم وخاصة في مجال الجراحات التجميلية وتشديد المسئولية على الأطباء في حالة قيامهم بجراحات تجميلية غير ضرورية.
ثانيا: ضرورة أن تدرس مادة القانون الطبي في كليات الطب المختلفة وذلك حتى يكون هناك قدر كاف من المعرفة القانونية والفنية لصحة ما يتم من إجراءات، أما بالنسبة للقضاة فيجب تدريس مادة القانون الطبي أيضا في المعهد القضائي وذلك لإعداد قضاة مختصين في الفصل في القضايا المتعلقة بالأخطاء الطبية.
ثالثا: التعاون المشترك بين كل من الجمعية المصرية لجراحة التجميلية وبين دار الإفتاء لتحديد الجراحات التجميلية المحرمة وذلك لمنع إجرائها.
رابعا: إنشاء مجلس تأديبي مشترك بين نقابة الأطباء والسلطة القضائية تكون مهمته التحقيق في قضايا الجراحين ورفع تقارير واقتراحات للقضاء للحكم في مثل هذه القضايا.
خامسا: وضع عقوبة للأفراد والأطباء الذين يقومون بالجراحات التجميلية المحرمة كتغيير الجنس وخاصة جراحات تغيير خلقة الوجه لأنه إذا لم يتم التصدي لهذا النوع من الجراحات وتشديد العقوبات سنجد أكثر من شكل للشخص مما يصعب تحديد هويته.
سادسا: قيام الجمعية المصرية لجراحات التجميل بعمل كتيبات ومنشورات ملونة ومدعمة ببعض الرسومات التوضيحية توصف الإجراء الجراحي والمضاعفات المحتملة بطريقة مبسطة ونزيهة وذلك كإعلام تمهيدي للمريض(الزبون) يتم توزيعها على المستشفيات وعيادات التجميل كالمتبع بالجمعية الأمريكية لجراحات التجميلية.
سابعا: القيام بعمل إقرار موثق من المريض (الزبون) يقر فيه برغبته في إجراء الجراحة وبانه قد تم إعلامه إعلاما صحيحا بمخاطر الجراحة وبنسبة نجاحها، وذك في الجراحة التجميلية التحسينية الغير ضرورية الجائزة شرعا كجراحات شفط الدهون وشد البطن وجراحات الثدي.
ثامنا: وضع المشرع لقانون يجرم جراحات الرتق العذري.
تاسعا: الزام طبيب التجميل بإعطاء المريض شهادة جودة معتمدة من منظمة الدواء والغذاء العالمية((FDA، عن التركيبات الصناعية التي تستخدم في الجراحات التجميلية.
عاشرا: مساءلة أي طبيب يقوم بإجراء أي عمل تجميليي غير مقيد بالجمعية المصرية لجراحة التجميل.
تعليقات
إرسال تعليق